في عام 1801م عرض الفيزيائي الإيطالي إليساندرو فولتا جهازه البدائي أمام نابليون بونابرت في باريس بموجب دعوة قدمتها له الأكاديمية الفرنسية للعلوم.
ولم يكن يزيد عن أعمدة بسيطة تتدفق منها الكهرباء. وكانت مثل السحر وهي البطارية البدائية الأولى في الفيزياء. وتعود الفكرة بالأصل ليس لفولتا بل لطبيب إيطالي هو لويجي غالفاني الذي لفت نظره في علم الفيزيولوجيا أن سيقان الضفادع المعلقة على الأسلاك ترتعش وتتقلص وكأن جنياً بداخلها إذا لمست بالمبضع.
وسماها كهرباء العضلات. وتبين أن سبب ذلك ليس الجني في داخلها ولا أنها تصدر الكهرباء بل هو تيار ينتقل بين السلك والمبضع بين معدنين مختلفين. فهذه هي آلية انتقال الكهرباء. وكان ذلك عام 1786م وبقي يراقبها خمس سنين حتى تقدم إلى الملأ العلمي عام 1791 يشرح هذه الظاهرة فالتقطها فولتا وطورها حتى تقدم ببطاريته الأولى إلى بونابرت. وكانت البطارية أشبه بالسحر ولم يتبين العلماء أن هذه الشحنة البسيطة من الكهرباء سوف تغير وجه العالم فتنير الخافقين وترفع المصاعد وتدفع السيارات ولا يستغني عنها إنسان في لحظة من ليل أو نهار. وعرف عنها أنها طاقة موجودة في كل مكان بما فيها عضلات القلب وخلايا الدماغ ولكن مشكلة بطارية فولتا كانت في الشحن. وفي عام 1805 تغلب الفيزيائي الألماني يوهان فيلهلم ريتر على هذه المشكلة حينما بنى بطاريته من ألواح نحاسية بينها أوراق من المقوى ومنقوعة في سائل ملحي فيزيولوجي. وفي عام 1854 وصل جوزيف سينستيدن إلى تقنية أفضل باستخدام ألواح الرصاص مغموسة في حمض كبريت مخفف. وبعد 12 سنة في عام 1866 بنى جورج ليكلانشه أول بطارية جافة. وفي عام 1867م توصل المهندس الألماني فيرنر سيمنس إلى اختراع أول جهاز مولد للطاقة الكهربية المغناطيسية. وبذلك تحولت هذه الطاقة من المستوى العلمي النظري إلى المستوى التطبيقي في الحياة الاجتماعية.
أ أن فاصلاً من 81 عاماً مر بين أول فكرة وبين أول جهاز يستخدم للفائدة الإنسانية. وفترة الحضانة هذه حاليا لم تعد تنتظر ثمانين سنة بل انضغطت إلى عشر معشار هذه الفترة. والطاقة الكهربية ليست الوحيدة في الكون بل هي واحدة من خمس هي: الكهربية والمغناطيسية وقوى النواة الضعيفة والقوية وقوة الجاذبية والأخيرة أضعف الخمس. وأقواها قوة النواة القوية. وهي التي جاء منها التفجير الذري للقنابل النووية أو الاستخدام السلمي في الطاقة النووية سواء بالانشطار أو الاندماج كما هو معروف في التقنية النووية. واليوم تعتبر الطاقة النووية أحد مصادر الطاقة للمجتمعات الصناعية. ولكن العجيب هي أن كل هذه الإنجازات تمت في فترة قريبة أي أن الكهرباء لم تستخدم على شكل تطبيقي واسع إلا منذ 120 سنة فقط.
في حين أن البخار استخدم منذ 200 سنة. والمطبعة لم تظهر إلا منذ خمسمئة عام على يد غوتنبرغ. والقوة النووية تفجرت للمرة الأولى بشكل تجريبي في 16 يونيو من عام 1945م أي أصبح لها حوالي ستين سنة, مقابل رحلة الحضارة التي بدأت قبل ستة آلاف سنة وهذا يحكي تطور الإنسان الخارق في فترة القرن العشرين الذي انفجر في أكثر من اتجاه في زيادة السكان والعلم والعالمية. فقفز عدد السكان من مليار إلى ستة. وأصبحت المشكلة في فيضان المعلومات وليس شحها. ويتصل الناس بعضهم ببعض من خلال نظام اتصالات مدهش ويعرف الناس الخبر في أقصى المعمورة بسرعة الضوء. ويجب أن ننتبه إلى التطور العلمي أنه أهم من الكذب والنفاق وما يثبت هو جهد العلماء. وإذا ذكر نيوتن أو فولتا امتنت القلوب لذكرهما أما نابليون وهتلر وأتيلا وصدام وسواهم فهم القتلة المجرمون الذين ذكرهم التاريخ لذنوبهم. فالعلماء غيروا التاريخ نحو الأفضل وهم الأمل والسياسيون لوثوا التاريخ
تحياتي . ان شاء الله تستفيدو